قبل التوقيع
أدت حرب أكتوبر وعدم التطبيق الكامل لبنود القرار رقم 338 والنتائج الغير مثمرة لسياسة المحادثات المكوكية التي إنتهجتها الخارجية الأمريكية والتي كانت عبارة عن استعمال جهة ثالثة وهي الولايات المتحدة كوسيط بين جهتين غير راغبتين بالحديث المباشر والتي كانت مثمثلة بالعرب و إسرائيل ، أدت هذه العوامل إلى تعثر وتوقف شبه كامل في محادثات السلام ومهدت الطريق إلى نشوء قناعة لدى الإدارة الأمريكية المتمثلة في الرئيس الأمريكي آنذاك جيمي كارتر بإن الحوار الثنائي عن طريق وسيط سوف لن يغير من الواقع السياسي لمنطقة الشرق الأوسط.
في إسرائيل طرأت تغييرات سياسية داخلية متمثلة بفوز حزب الليكود في الإنتخابات الإسرائيلية عام 1977 وحزب الليكود كان يمثل تيارا أقرب إلى الوسط من منافسه الرئيسي حزب العمل الإسرائيلي الذي هيمن على السياسة الإسرائيلية منذ المراحل الأولى لنشوء دولة إسرائيل وكان الليكود لايعارض فكرة إنسحاب إسرائيل من سيناء ولكنه كان رافضا لفكرة الإنسحاب من الضفة الغربية [2].
تزامنت هذه الأحداث مع صدور تقرير معهد بروكنغس التي تعتبر من أقدم مراكز الأبحاث السياسية و الاقتصادية في الولايات المتحدة ونص التقرير على ضرورة اتباع "منهج حوار متعدد الأطراف" للخروج من مستنقع التوقف الكامل في حوار السلام في الشرق الأوسط [1]
من الجانب الآخر بدأ الرئيس المصري محمد أنور السادات تدريجيا يقتنع بعدم جدوى القرار رقم 338 بسبب عدم وجود إتفاق كامل لوجهات النظر بينه و بين الموقف الذي تبناه حافظ الأسد والذي كان أكثر تشددا من ناحية القبول بالجلوس على طاولة المفاوضات مع إسرائيل بصورة مباشرة. هذه العوامل بالاضافة إلى تدهور الأقتصاد المصري وعدم ثقة السادات بنوايا الولايات المتحدة بممارسة اي ضغط ملموس على إسرائيل مهد الطريق لسادات للتفكير بأن على مصر أن تركز على مصالحها بدلا من مصالح مجموعة من الدول العربية وكان السادات يأمل إلى إن اي اتفاق بين مصر و إسرائيل سوف يؤدي إلى إتفاقات مشابهة للدول العربية الأخرى مع إسرائيل وبالتالي سوف يؤدي إلى حل للقضية الفلسطينية.
ويعتقد معظم المحللين السياسيين إن مناحيم بيغن إنتهز جميع هذه العوامل وبدأ يقتنع إن إجراء مفاوضات مع دولة عربية كبرى واحدة أفضل من المفاوضات مع مجموعة من الدول وإن أي إتفاق سينجم عنه ستكون في مصلحة إسرائيل إما عن طريق السلام مع أكبر قوة عسكرية عربية أو عن طريق عزل مصر عن بقية العالم العربي.
إستنادا إلى الرئيس المصري محمد حسني مبارك في حواره مع الإعلامي عماد أديب في عام 2005 إن الراحل محمد أنور السادات إتخذ قرار زيارة إسرائيل بعد تفكير طويل حيث قام السادات بزيارة رومانيا و إيران و السعودية قبل الزيارة و صرح في خطاب له أمام مجلس الشعب انه "مستعد أن يذهب اليهم في إسرائيل" وقام ايضا بزيارة سوريا قبيل زيارة إسرائيل وعاد في نهاية اليوم بعد ان حدثت مشادة كبيرة بينه والسوريين لأنهم كانوا معترضين علي الزيارة [2] وإستنادا إلى إبراهيم نافع فإن الرئيس الروماني شاوشيسكو قد قال "بأن مناحيم بيغن بلا شك صهيوني وصهيوني جدا، ولكنه رجل سلام، لأنه يعرف ماهي الحرب. ولكنه أيضا يريد أن يترك اسمه علامة في تاريخ الشعب اليهودي [3].
سبقت زيارة السادات للقدس مجموعة من الاتصالات السرية، حيث تم إعداد لقاء سري بين مصر وإسرائيل في المغرب تحت رعاية الملك الحسن الثاني، التقى فيه موشى ديان وزير الخارجية الإسرائيلي، و حسن التهامي نائب رئيس الوزراء برئاسة الجمهورية. وفي أعقاب تلك الخطوة التمهيدية قام السادات بزيارة لعدد من الدول ومن بينها رومانيا، وتحدث مع رئيسها تشاوشيسكو بشأن مدى جدية بيجن ورغبته في السلام، فأكد له تشاوشيسكو أن بيجن رجل قوي وراغب في تحقيق السلام.
وبعد هذا اللقاء استقرت فكرة الذهاب للقدس في نفس السادات، وأخبر وزير خارجيته الذي رفض هذا الأمر وقال له: "لن نستطيع التقهقر إذا ما ذهبنا إلى القدس، بل إننا سنكون في مركز حرج يمنعنا من المناورة"، كما أن سيناء لم ولن تكون في يوم ما مشكلة، وأخبره أنه بذهابه إلى القدس فإنه يلعب بجميع أوراقه دون أن يجني شيءًا، وأنه سيخسر الدول العربية، وأنه سيُجبر على تقديم بعض التنازلات الأساسية، ونصحه ألا يعطي إسرائيل فرصة لعزل مصر عن العالم العربي؛ لأن هذه الحالة تمكّن إسرائيل من إملاء شروطها على مصر. واقترح فهمي عليه عقد مؤتمر دولي للسلام في القدس الشرقية تحضره الأمم المتحدة والدول الكبرى لوضع فلسفة أساسية لمعاهدة السلام، مع استمرار مفاوضات السلام في جنيف.
في افتتاح دورة مجلس الشعب في 1977م ، وفي هذه الجلسة الشهيرة أعلن السادات استعداده للذهاب للقدس بل والكنيست الإسرائيلي، وقال: "ستُدهش إسرائيل عندما تسمعني أقول الآن أمامكم إنني مستعد أن أذهب إلى بيتهم، إلى الكنيست ذاته ومناقشتهم". وانهالت عاصفة من التصفيق من أعضاء المجلس، ولم يكن هذا الهتاف والتصفيف يعني أنهم يعتقدون أنه يريد الذهاب فعلا إلى القدس.
القى السادات خطابا أمام الكنيست الإسرائيلي في 20 نوفمبر 1977م . وشدد في هذا الخطاب على أن فكرة السلام بينه وبين إسرائيل ليست جديدة، وأنه يستهدف السلام الشامل، وأقر أنه لم يتشاور مع أحد من الرؤساء العرب في شأن هذه الزيارة، واستخدم بعض العبارات العاطفية التي لا تصلح للتأثير في المجتمع الإسرائيلي، مثل: الإشارة إلى أن إبراهيم (عليه السلام) هو جدّ العرب واليهود، واقتران زيارته بعيد الأضحى.
دعا السادات بيجن لزيارة مصر، وعقد مؤتمر قمة في الإسماعيلية حين تخاذل السادات أمام بيجن الذي تكلم عن حق إسرائيل في الاحتفاظ بالأراضي المحتلة، وعدوان مصر على إسرائيل. وقال بيجن بحدة شديدة: "وقد كان في وسعي أن أبدأ المباحثات بالمطالبات باقتسام سيناء بيننا وبينكم، ولكني لم أفعل".
بعد اجتماع الإسماعيلية بشهر واحد اجتمعت اللجنة السياسية من وزراء خارجية مصر وإسرائيل والولايات المتحدة في القدس. وفي أثناء انعقاد تلك اللجنة شرعت إسرائيل في بناء مستوطنات جديدة في سيناء، لاستخدامها كورقة مساومة على مصر. لم يكن بيجن مستعدًا لقبول تنازلات، وقال وزير الخارجية الإسرائيلي "موشى ديان": "إنه من الأفضل لإسرائيل أن تفشل مبادرة السلام على أن تفقد إسرائيل مقومات أمنها".
وعرض الإسرائيليون على مصر ترك قطاع غزة للإدارة المصرية مقابل تعهد بعدم اتخاذها منطلقًا للأعمال الفدائية، وكان هدفهم من ذلك عدم إثارة موضوع الضفة الغربية، وبذلك تكون إسرائيل حققت هدفًا جوهريًا من أهداف المباحثات وهو التركيز على مسألة الانسحاب من سيناء، بما يؤدي إلى صلح منفرد مع مصر، وتوسيع الهوة بين السادات والفلسطينيين, شعر السادات أن الإسرائيليين يماطلونه؛ فألقى خطابًا في يوليو 1978م قال فيه: إن بيجن يرفض إعادة الأراضي التي سرقها إلا إذا استولى على جزء منها كما يفعل لصوص الماشية في مصر.
أنشأ السادات الحزب الوطني الديمقراطي وتولى رئاسته، وزادت قبضته العنيفة على القوى المعارضة لتوجهاته، ثم لجأ إلى الاستفتاء الشعبي على شخصه, ترددت مصر بين المضي في المبادرة والعودة لمكانها الطبيعي في الصف العربي وعندها وضع كارتر ثقله لكيلا تعود مصر إلى الصف العربي، ودعا السادات وبيجن إلى اجتماعات في كامب ديفيد
المحادثات
وصل الوفدان المصري و الإسرائيلي إلى كامب ديفيد يوم 5 سبتمبر 1978 . ذهب السادات إلى كامب ديفيد وهو لا يريد أن يساوم، وإنما ردد مشروع قرار مجلس الأمن رقم 242 كأساس للحل. أما كارتر والإسرائيليون فكانوا مقتنعين أن السادات لن يوافق قط على أي وجود إسرائيلي في سيناء، كما أنه لن يصر على موضوع الدولة الفلسطينية، وأدرك الأمريكيون أن السادات لا يمكنه تحمل الفشل على عكس بيجن، فإن الفشل يعني بقاء الوضع الراهن، وبقاء الوجود الإسرائيلي في الأراضي العربية المحتلة
في اليوم الأول من المحادثات قدم السادات أفكاره عن حل القضية الفلسطينية بجميع مشاكلها متضمنة الإنسحاب الإسرائيلي من الضفة و غزة و حلول لقضية المستوطنات الإسرائيلية وإستنادا إلى مبارك فإن السادات لم يركز في محادثاته كما يعتقد البعض على حل الجانب المصري فقط من القضية حاولت الإدارة الأمريكية إقناع الجانبين أن يتجنبوا التركيز على القضايا الشائكة مثل الإنسحاب الكامل من الضفة الغربية و غزة و يبدؤا المناقشات على قضايا أقل حساسية مثل الإنسحاب الإسرائيلي من سيناء كان الهيكل العام للمحادثات التي استمرت 12 يوما تتمحور على ثلاثة مواضيع رئيسية
الضفة الغربية و قطاع غزة: إستند هذا المحور على أهمية مشاركة مصر و إسرائيل و الأردن و ممثلين عن الشعب الفلسطيني في المفاوضات حول حل هذه القضية التي إقترحت الولايات المتحدة إجراءات إنتقالية لمدة 5 سنوات لغرض منح الحكم الذاتي الكامل لهاتين المنطقتين وإنسحاب إسرائيل الكامل بعد إجراء إنتخابات شعبية في المنطقتين و نص الإقتراح ايضا على تحديد آلية الإنتخابات من قبل مصر و إسرائيل و الأردن على أن يتواجد فلسطينيون في وفدي مصر و الأردن.
حسب الإقتراحات في هذا المحور كان على إسرائيل بعد الإنتخابات المقترحة ان تحدد في فترة 5 سنوات مصير قطاع غزة و الضفة الغربية من ناحية علاقة هذين الكيانين مع إسرائيل و الدول المجاورة الأخرى
• علاقات مصر و إسرائيل: إستند هذا المحور على أهمية الوصول إلى قنوات إتصال دائمية من ناحية الحوار بين مصر و إسرائيل وعدم اللجوء إلى العنف لحسم النزاعات وإقترحت الولايات المتحدة فترة 3 أشهر لوصول الجانبين إلى إتفاقية سلام.
• علاقة إسرائيل مع الدول العربية: حسب المقترح الأمريكي كان على إسرائيل العمل على إبرام إتفاقيات سلام مشابهة مع لبنان و سوريا و الأردن بحيث تؤدي في النهاية إلى إعترافات متبادلة وتعاون اقتصادي في المستقبل
كان الموقف الإسرائيلي متصلبًا متشددًا يرفض التنازل، وهو ما جعل السادات يعلن لمرافقيه أنه قرر الانسحاب من كامب ديفيد، فنصحه وزير الخارجية الأمريكي "سايروس فانس" أن يلتقي بكارتر على انفراد، واجتمع الرئيسان نصف ساعة خرج بعدها السادات ليقول للوفد المصري: "سأوقّع على أي شيء يقترحه الرئيس كارتر دون أن أقرأه". وحاول وزير الخارجية محمد إبراهيم كامل إقناعه بعدم قبول المشروع الأمريكي؛ لأنه هو ذاته مشروع إسرائيل، لكنه لم يجد منه أذنُا صاغية، فقدم استقالته في كامب ديفيد فقبلها السادات، وطلب منه تأجيلها لحين العودة إلى القاهرة.
شروط الإتفاقية
في 26 مارس 1979 وعقب محادثات كامب ديفيد وقع الجانبان على ما سمي معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وكانت المحاور الرئيسية للإتفاقية هي إنهاء حالة الحرب وإقامة علاقات ودية بين مصر و إسرائيل و إنسحاب إسرائيل من سيناء التي احتلتها عام 1967 بعد حرب الأيام الستة وتضمنت الإتفاقية ايضا ضمان عبور السفن الإسرائيلية قناة السويس و إعتبار مضيق تيران و خليج العقبة ممرات مائية دولية [4]. تضمنت الإتفاقية أيضا البدأ بمفاوضات لإنشاء منطقة حكم ذاتي للفلسطينيين في الضفة و قطاع غزة والتطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 .
وضعت الاتفاقية شروطًا على سيادة مصر على سيناء بعد عودتها إليها. حيث وقّع السادات على اتفاقية تضع شروطًا قاسية على مدى تحرك الجيش المصري وقواته في سيناء، فقصرت مثلا استخدام المطارات الجوية التي يخليها الإسرائيليون قرب العريش وشرم الشيخ على الأغراض المدنية فقط.
الخطوط الرئيسة والعامة
• - الاتفاقية الأولى تبدأ بمقدمة عن السلام وضروراته وشروطه ، ثم تعرض الاتفاقية التصور الذي تمّ التوصل إليه "للسلام الدائم في الشرق الأوسط" وتنصّ على ضرورة حصول مفاوضات بين إسرائيل من جهة ومصر والأردن والفلسطينيين من جهة أخرى.
• الاتفاقية الثانية نصت على التفاوض المباشر بين مصر و إسرائيل من أجل تحقيق الانسحاب من سيناء التي احتلتها إسرائيل في عدوان العام 1967م.
وتنص الاتفاقية على إقامة علاقات طبيعية بين مصر و إسرائيل بعد المرحلة الأولى من الانسحاب من سيناء.
إضافة إلى هاتين الاتفاقيتين العلنيتين، تم التوقيع على عدة اتفاقات سرية تتعلق بالتعاون بين الدول الثلاث (أمريكا، إسرائيل، مصر) في الميادين العسكرية والسياسية والاقتصادية. وتتعلق بالوضع اللبناني وكيفية وقف الحرب الأهلية.
يرى بعض المحللين السياسيين إن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لم تؤدي على الإطلاق إلى تطبيع كامل في العلاقات بين مصر و إسرائيل حتى على المدى البعيد فكانت الإتفاقية تعبيرا غير مباشر عن استحالة فرض الإرادة علي الطرف الآخر وكانت علاقات البلدين و لحد الآن تتسم بالبرودة و الفتور [5]. كانت الإتفاقية عبارة عن 9 مواد رئيسية منها إتفاقات حول جيوش الدولتين و الوضع العسكري و علاقات البلدين وجدولة الإنسحاب الإسرائيلي و تبادل السفراء. يمكن قراءة المواد التسعة للإتفاقية على هذا الرابط [6].
يرى البعض إنه ولحد هذا اليوم لم ينجح السفراء الإسرائيليين في القاهرة ومنذ عام 1979 في إختراق الحاجز النفسي و الاجتماعي و السياسي و الثقافي الهائل بين مصر و إسرائيل ولاتزال العديد من القضايا عالقة بين الدولتين و منها [7]:
• مسألة محاكمة مجرمي الحرب من الجيش الإسرائيلي المتهمين بقضية قتل أسرى من الجيش المصري في حرب أكتوبر والتي جددت مصر مطالبتها بالنظر في القضية عام 2003.
• إمتناع إسرائيل التوقيع على معاهدة منع الانتشار النووي .
• مسألة مدينة "أم الرشراش" المصرية والتي لاتزال تحت سيطرة إسرائيل ويطلق على المدينة اسم "إيلات" من قبل الإسرائيليين. حيث إن البعض مقتنع إن قريـة أم الرشراش أو إيلات قد تم إحتلالها من قبل إسرائيل في 10 مارس 1949 وتشير بعض الدراسات المصرية أن قرية أم الرشراش أو إيلات كانت تدعى في الماضي (قرية الحجاج) حيث كان الحجاج المصريون المتجهون إلى الجزيرة العربية يستريحون فيها [8].
• قضية الأموال التي تعتبرها مصر "أموال منهوبة" نتيجة استخراج إسرائيل للنفط في سيناء لمدة 6 سنوات [9].
استغل بيجن الأيام التي تلت كامب ديفيد مباشرة للإعلان عن عزمه على إقامة مستوطنات في الأراضي المحتلة، ثم بلغت ذروة تصريحاته عام 1981م عندما أقسم أنه لن يترك أي جزء من الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان والقدس.
معاهدة السلام مميزاتها و عيوبها
1. أرجعت لمصر سيناء كاملة
2. أنهت حالة الحرب بين مصر وإسرائيل
3. حازت إسرائيل على أول اعتراف رسمي بها من قبل دولة عربية
4. تمتعت كلا البلدان من تحسين العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة
5. فتح الاتفاق وإنهاء حالة الحرب الباب أمام مشاريع لتطوير السياحة، خاصة في سيناء
ردود الفعل
أثارت اتفاقيات "كامب ديفيد" ردود فعل معارضة في مصر ومعظم الدول العربية، ففي مصر. استقال وزير الخارجية محمد إبراهيم كامل لمعارضته الاتفاقية وسماها مذبحة التنازلات، وكتب كامل في كتابه "السلام الضائع في اتفاقات كامب ديفيد" المنشور في بداية الثمانينيات أن "ما قبل به السادات بعيد جدا عن السلام العادل"، وانتقد كل اتفاقات كامب ديفد لكونها لم تشر بصراحة إلى انسحاب إسرائيلي من قطاع غزة والضفة الغربية ولعدم تضمينها حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. [3]
وعقدت هذه الدول العربية مؤتمر قمة رفضت فيه كل ما صدر. ولاحقاً اتخذت جامعة الدول العربية قراراً بنقل مقرها من القاهرة إلى تونس احتجاجاً على الخطوة المصرية.
استنادا إلى مقال نشر في جريدة "القدس العربي" اللندنية فإن العرب لم يكونوا الوحيدين المقتنعين بأن الإتفاقية كانت وحسب التعبير السائد آنذاك تفريط في منجزات النصر العسكري العربي في حرب أكتوبر و تركيز السادات على استرجاع سيناء على حساب القضية الفلسطينية. فقد تلقى السادات انتقادات من الاتحاد السوفيتي و دول عدم الانحياز و بعض الدول الأوروبية ، ففرانسوا بونسيه سكرتير عام الرئاسة الفرنسية في عهد الرئيس جيسكار ديستان قال لبطرس بطرس غالي في قصر الإليزيه ناصحاً قبل أن توقع مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل: "إذا لم تتمكن من الوصول إلي اتفاق بشأن الفلسطينيين قبل توقيع المعاهدة المصرية الإسرائيلية فكن علي ثقة من انك لن تحصل لهم علي شيء فيما بعد من الإسرائيليين" ، وحسب نفس المصدر فان الفاتيكان كان على إعتقاد بان السادات ركز بالكامل اهداف مصر و أهمل القضايا العربية الجوهرية الأخري [10].
على الصعيد العربي كان هناك جو من الإحباط و الغضب لأن الشارع العربي كان آنذاك لايزال تحت تأثير افكار الوحدة العربية وافكار جمال عبد الناصر وخاصة في العراق و سوريا و ليبيا و الجزائر و اليمن [11] ، وإعتبر البعض الإتفاقية منافية لقرار الخرطوم في 1 سبتمبر 1967 والذي تم بعد هزيمة حرب الأيام الستة وإشتهر بقرار اللاءات الثلاث حيث قرر زعماء 8 دول عربية انه لا سلام مع إسرائيل و لا إعتراف بدولة إسرائيل و لا مفاوضات مع إسرائيل. وحتى في الشارع المصري طالب المثقفون المصريون امثال توفيق الحكيم و حسين فوزي و لويس عوض إلى الأبتعاد عن " العروبية المبتورة " التي لاترى العروبة إلا في ضوء المصلحة المصرية فقط [12].
ويرى البعض إن الإتفاقية كانت في صالح إسرائيل كليا حيث تغير التوازن العربي بفقدان مصر لدوره المركزي في العالم العربي وفقد العالم العربي أكبر قوة عسكرية عربية متمثلة بالجيش المصري وادى هذا بالتالي إلى نشوء نوازع الزعامة الأقليمية والشخصية في العالم العربي لسد الفراغ الذي خلفه مصر وكانت هذه البوادر واضحة لدى القيادات في العراق و سوريا فحاولت الدولتان تشكيل وحدة في عام 1979 ولكنها انهارت بعد اسابيع قليلة و قام العراق على وجه السرعة بعقد قمة لجامعة الدول العربية في بغداد في 2 نوفمبر 1978 ورفضت اتفاقية كامب ديفيد وقررت نقل مقر الجامعة العربية من مصر وتعليق عضوية مصر ومقاطعتها وشاركت بهذه القمة 10 دول عربية و منظمة التحرير الفلسطينية وعرفت هذه القمة باسم " جبهة الرفض " [13]. وفي 20 نوفمبر 1979 عقدت قمة تونس العادية وأكدت على تطبيق المقاطعة على مصر. وازداد التشتت في الموقف بعد حرب الخليج الأولى إذ انضمت سوريا و ليبيا إلى صف إيران و حدث اثناء هذا التشتت غزو إسرائيل للبنان في عام 1982 بحجة إزالة منظمة التحرير الفلسطينية من جنوب لبنان وتمت محاصرة للعاصمة اللبنانية لعدة شهور ونشات فكرة "الإتحاد المغاربي" الذي كان مستندا على اساس الإنتماء لأفريقا وليس الإنتماء للقومية العربية [14].